كعادتنا السنوية نزور الأهل والأصحاب، ونبارك لهم الشهر الكريم، وهي عادة طيبة في أول شهر رمضان حيث يزور فيه الشخص أهله ليبارك لهم بالشهر الفضيل، وكذلك يصل به رحمه. جلست بقرب أحد الآباء فدار الحوار التالي:
قال: أنا سعيد جداً في شهر رمضان لأن هناك معاني تربوية كثيرة أحققها في أبنائي في هذا الشهر الفضيل.
قلت: وما هذه المعاني؟
قال: أولا الاحتفال الذي نقيمه في البيت قبل قدوم شهر رمضان الكريم، ثم قراءة القرآن الكريم كل يوم والتحدث عنه، وكذلك تداول معاني الصيام والشعور بحاجة الآخرين والحوار بأحكام الصيام بيني وبين أبنائي.
قلت: نعم إنها لمعانٍ جميلة جداً.
قال: هل تصدق أن حواراً دار بيني وبين أصغر أبنائي وهو لايتجاوز السبع سنين عن مبطلات الوضوء وكنت سعيداً جداً وهو يحاورني في هذا الموضوع؟ ففي غير رمضان كنت أتابعه كل يوم للوضوء والصلاة ولكن في رمضان أشعر بأن الأمور ميسرة، بل هل تصدق أن ابني هذا الصغير كان يحدثني عن الاعتكاف في العشر الأواخر لأنه رأى أصدقاء له معتكفين بالمسجد؟!
قلت: فعلاً هذا أمرٌ يستحق الفرح، فشهر رمضان مدرسة تربوية، ولهذا فقد سماه الأديب مصطفى صادق الرافعي (مدرسة الثلاثين يوماً).
قال: نعم، فرمضان أمن وإيمان، روح وريحان، عفو وغفران.. كل هذه المعاني تعلمها أبنائي في شهر رمضان الكريم.
ثم بادر قائلاً: دعني أروي لك هذه القصة وهي على لسان أبنائي.
قلت: تفضل فأنا مستمع لهذه المعاني التربوية.
قال: حدث خلاف بين أبنائي كعادتهم في غير رمضان وكنت أستمع لحوارهم من حيث لا يشعرون، فقال أحدهم بعدما اشتد الخلاف: (رمضان عفو وغفران)، فلا نريد أن نختلف في رمضان، وانتهى الخلاف بينهم على غير عادتهم.
فابتسمت قائلاً: الحمد لله على نعمة الإسلام، فإن الشهور العربية تعتبر مدرسة تربوية تساعد الوالدين على تربية أبنائهما.
قال: ماذا تقصد؟
قلت: وبعد رمضان يأتي شهر شوال، فكلنا نعرف فضل شهر شوال وثواب صيام الأيام الستة فيه، ثم ذي القعدة وموسم الحج وما فيه من المعاني التربوية العظيمة...
ولو تأملنا في الأشهر العربية فلكل شهر معنى تربوي.
قال: وما هذه المعاني؟!
قلت: ليس لدينا وقت الآن فدعنا نكمل المباركة الرمضانية، ولكن ابحث واقرأ في هذا المجال ستكتشف الكنوز التربوية في الأشهر العربية.